شهدت جهة كلميم وادنون لقاءً تواصلياً نظمته المنسقية الجهوية لوكالة التنمية الاجتماعية حول الحملة الوطنية لوقف العنف ضد النساء، المنعقدة هذه السنة تحت شعار: “المساواة في التشريعات هي الضمان…”.
وقد حضره عدد من الفاعلين والمهتمين، من بينهم الأستاذ مصطفى كرامي، رئيس المكتب المركزي لنادي الموظف، الذي عبّر عن سعادته بتقاسم لحظات الحوار والنقاش مع الحاضرين، مقدماً شهادة نقدية عميقة حول واقع العنف ضد النساء بالمغرب.
وأكد كرامي في مداخلته أن شعار الحملة، رغم قوته الرمزية، يظل صعب التحقيق، لكون العنف يتطور بتطور الوسائل، خاصة الرقمية منها. واعتبر أن شعارات المناهضة والمحاربة تبقى الأكثر واقعية وصدقية، لأنها تلامس حقيقة التحديات اليومية التي تواجه النساء في الفضاءين العام والرقمي. كما شدد على أن العنف في جزء كبير منه مرتبط بمعطيات اقتصادية صرفة، تظهر حتى داخل الأوساط الميسورة. وأوضح أن موجات الغلاء وتفشي البطالة وانسداد الأفق الاقتصادي تترك آثاراً نفسية مباشرة، غالباً ما يكون العنف أحد تجلياتها الأساسية، ما يجعل التمكين الاقتصادي ضرورة ملحّة في أي سياسة ناجعة للحد من الظاهرة.
وأشار رئيس نادي الموظف في هذا السياق إلى أن مكافحة العنف لا تنفصل عن تحسين جودة الخدمات الاجتماعية الموجهة للنساء والأسر، مبرزاً أن نادي الموظف—باعتباره إطاراً اجتماعياً داعماً للموظفات والموظفين—يحرص على تقديم خدمات مواكِبة تعزز الاستقرار الأسري، من خلال برامج الدعم الاجتماعي، والاستشارات القانونية، وخدمات الوساطة، والأنشطة الموجهة لتعزيز الوعي بالحقوق والواجبات. وأكد أن هذه المبادرات تعكس الدور المتزايد للمجتمع المدني في تخفيف حدة الهشاشة الاجتماعية التي تشكل أحد الجذور الأساسية للعنف.
وبخصوص الجانب التشريعي، شدد كرامي على أن المغرب يتوفر على ترسانة مهمة من القوانين والدوريات والمذكرات المتعلقة بمحاربة العنف، غير أن التعريف بها يظل موسميًا ومحدود الأثر، إذ لا توجد برامج قارة تمتد طيلة السنة، سواء عبر المناهج التعليمية أو الأنشطة التربوية والتحسيسية، مما يجعل الوعي القانوني لدى فئات واسعة من المجتمع ناقصاً أو مشوهاً. كما نبه إلى ظاهرة الاستغلال الكيدي لهذه القوانين، حيث تتزايد حالات الابتزاز تحت ذريعة العنف لتصفية حسابات عائلية أو مهنية، داعياً إلى ضرورة إقرار عقوبات واضحة ضد كل من يثبت تورطه في توظيف هذه الحقوق بشكل منحرف عن أهدافها الإنسانية.
وقد قدم كرامي خلال اللقاء ملتمساً بضرورة إحداث مركز لائق لاستقبال النساء ضحايا العنف أو المطرودات من بيت الزوجية رفقة أبنائهن، مؤكداً أن مدينة كلميم تفتقر لمركز يستجيب للمعايير المطلوبة، مما يضع المتدخلين في مواقف صعبة ويضطرهم إلى البحث عن إيواء مؤقت عبر الفنادق أو الجمعيات أو المحسنين، في غياب بنية رسمية مؤهلة لحماية النساء في وضعية هشاشة.
وأكد رئيس نادي الموظف على أن العنف الاقتصادي يعد من أبرز أسباب ومولدات العنف بمختلف أنواعه، بما فيها العنف الموجّه ضد النساء، داعياً الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية، والحد من مظاهر الاحتكار والغلاء، وتوفير شروط العيش الكريم التي تحدّ من انتشار العنف.
كما ثمّن كرامي الجهود الكبيرة التي يبذلها الفاعلون في المجتمع المدني، وكل العاملين في قطاعات الشرطة والدرك والمحاكم والصحة والتعاون الوطني والتعليم، لما يقومون به من أدوار حيوية في حماية النساء وتعزيز استقرار الأسر.
